انطلقت فعاليات مهرجان جبل البركل العالمي للثقافة والسياحة بالسودان، ويحتوي المهرجان على مناشط ثقافية وسياحية، وتشارك فيه كل ولايات السودان، إضافة لمشاركات خارجية من عدد من الدول، على رأسها قطر، مصر وليبيا، ويستمر حتى منتصف ديسمبر الجاري. وقال الرئيس البشير في افتتاح المهرجان، إن التاريخ يشهد بأننا أهل حضارة، وأن أول حضارة في العالم هي حضارة كرمة، التي احتوت على كل القيم الأخلاقية والشجاعة والكرم. وأشاد بدور السودان في التاريخ الإنساني، ودعا إلى اكتشاف الميزات السياحية تثقيفا لأهل السودان، ، مؤكدا أن الدولة تريد أن تكون السياحة صناعة لتجذب المستثمرين وتخلق فرص عمل وتجارة.
من جهته قال وزير السياحة السوداني محمد عبد الكريم الهد، إن السودان يعوّل كثيرا على السياحة، مشيرا إلى أن جبل البركل يمثل قمة الحضارة الإنسانية ويذكّر بدولة كوش، التي تؤرخ لأعظم الدول والحضارات التي نشأت. وأعلن الوزير افتتاح الموسم السياحي في السودان وأكد أن السياحة ستكون أحد الموارد لتنمية المجتمع في السودان وأن الاستكشافات والبحوث والدراسات سوف تغير مجريات تاريخ البلاد.
بدوره أكد والي الولاية الشمالية إبراهيم الخضر أن جبل البركل المقدس كانت يتوج عنده الملوك والأمراء، وعنده سكن بهانغي وترهاقا وهما من ملوك السودان القديم.ويهدف المهرجان إلى عكس ثقافة إنسان الولاية الشمالية بشكل عام والحضارة النوبية بوجه خاص، وبمشاركة شركات عالمية ومحلية، حيث يحتوي المهرجان على عدة فعاليات فنية وسياحية ورياضية، سيتم نقلها بواسطة 15 قناة فضائية محلية وعالمية، ويشتمل على أنشطة ثقافية ورياضية ومعارض تراث وفلكلور بمشاركة عدد من الدول العربية والأجنبية وولايات السودان المختلفة.
ويشارك في المهرجان فنانون عرب منهم الفنان المصري سامح الصريطي وكيل أول اتحاد النقابات الفنية الثلاث: التمثيلية، الموسيقية، والسينمائية، والفنان القطري علي عبد الستار وغيرهما.وتعتبر حضارة كرمة الجذور الحقيقية التي شكلت هوية الأمة السودانية، إذ كانت حضارة محلية أفريقية تمكن ملوكها من الحفاظ على سلطتهم قرابة الألف عام، وامتدت حدودها جنوبا حتى الشلال الرابع وشمالا إلى منطقة وادي حلفا، كما اشتهرت حضارة مملكة كرمة باستخدام كافة الفنون العسكرية إلى جانب شهرتها في مجال الصناعة خاصة صناعة الفخار.
ويقع جبل البركل على الضفة الشرقية للنيل ويحوي آثار مملكة نبتة 750- 568 ق م التي تضم معبد آمون الكبير وبعض المخلفات من عقود قديمة و 6 معابد وعدد من الأهرامات، وأصبح الجبل جزءاً من التراث العالمي في اليونسكو.وكان جبل البركل رمزا دينيا مقدسا خلال فترة الممالك المصرية، ومملكتي نبتة ومروي، وعنده قامت مملكة نبتة، ويعتبر هذا الجبل مهد ديانة الإله آمون رع، حيث شيد ملوك مملكة نبتة معبد الإله آمون أسفل الجبل. وأمام المعبد كان تقف ستة تماثيل جلبت من معبد صلب لتحمل اسم الملك امنحوتب الثالث.
وينطلق المهرجان من جبل البركل كرمزية تاريخية وحضارية، وستنتقل الاحتفالية إلى مناطق دنقلا والدفوفة بمنطقة كرمة والكوة وحلفا القديمة ويتخلل البرنامج كذلك زيارة لقرية «كرمكول» بمحلية الدبة وهي مسقط رأس الروائي العالمي الطيب صالح.
وبالإضافة إلى إقامة المهرجان بالموقع الأساسي بمسرح جبل البركل، ستنتقل فقرات المهرجان إلى مسرح المدينة الرياضية بكريمة. ومعروف أن معظم الحراك السياحي في السودان يتركز بالدرجة الأولى في الولاية الشمالية التي تضم حوالي 31 موقعاً اثرياً ومعلما سياحيا، فهنالك السياحة الأثرية والنيلية والصحراوية والصيد. ومن أهم المناطق دنقلا العجوز وهي عاصمة مملكة المقرة المسيحية، بها عدد من الكنائس والأديرة، وتمثل دنقلا العجوز أحد الممالك الثلاث التي أقيمت في السودان، وتوجد بها كذلك الكنيسة التي تم تحويلها لمسجد خلال الفترة الإسلامية ليكون أول مسجد في السودان.ويهدف المهرجان لتسليط الضوء على جزيرة البركل التي تحتوي على آثار تؤرخ لمعظم العصور التاريخية بدءا بعصور ما قبل التاريخ، و فيها المعابد المصرية وتوجد بها أدلة أثرية أخرى تؤرخ لفترات حضارة كرمة، نبتة، مروي، الفترة المسيحية والمواقع الإسلامية التي تتمثل في المباني العثمانية.