بينما انشغل كثيرون بمحادثات السلام بين الحكومة والمعارضة في جنوب السودان، كان الشاب مايكل بورت رامبا، يجمع شبابا وفتيات من هذا البلد الوليد، في العاصمة الكينية نيروبي، لإطلاق مشروع أسموه «شباب من أجل السلام والمصالحة».
استجاب لمايكل، الجنوب سوداني، 17 شابا وفتاة، معظمهم من طلاب وطالبات جنوب السودان في كينيا، وبدأوا ورشة تدريبية على حملات لاستقطاب الشباب اليافعين إلى السلام وذلك عبر حملات توعية تبدأ من معسكرات اللاجئين الجنوبيين في كينيا على أن تُعمم الفكرة في المستقبل.
وقال مايكل، إن الفكرة جاءته قبل عدة أشهر، حينما كان في كاكوما، أكبر مخيمات اللاجئين الجنوب سودانيين، في شرق كينيا.
وأضاف: «عشت في كاكوما قبل أن آتي إلى الدراسة هنا في نيروبي، وعندما عدت مؤخرا وجدت الناس يعانون معاناة قاسية ويمرون بظروف صعبة».
فكرة مايكل وزملائه تتلخص في إقامة حملة لتوعية الشباب للنجاة من الحرب، حسب قوي جوشوا، أحد الطلاب الجنوبيين الناشطين في العمل العام بنيروبي، والذي قال إن «آخر إحصاء لطلاب جنوب السودان في نيروبي كان قد بلغ 3 آلاف طالب وطالبه».
اجتمع مجموعة الـ17 من الشباب والفتيات، بإحدى فنادق نيروبي الصغيرة، في ورشة تدريبية لبناء السلام، هدفهم هو تنظيم دوره رياضية في كاكوما والعمل مع قطاعات الشباب في معسكر اللاجئين لتوعيتهم بضرورة وحدتهم، وكيفية تجنب استغلالهم في الحرب، بحسب جوشوا.
قاوا ريليجيا، هو الآخر طالب من جنوب السودان يعيش في كينيا ويدرس في احدي جامعات نيروبي، قال إنهم بعد أسبوع من التدريب يستعدون الآن للمغادرة إلى معسكر كاكوما للاجئين وذلك لبدء حملتهم للسلام والمصالحة.
وأوضح ريليجيا، أن الشباب هم الذين يدفعون ثمن الحرب وهو على يقين أنهم سيستمعون إليهم ويستجيبون إلى صوت العقل.
حديث ريليجيا يأتي متسقا مع تقرير عرضه فرع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في كينيا، حيث قال إن إجمالي لاجئي جنوب السودان في كينيا، منذ اندلاع الأزمة في بلادهم في ديسمبر كانون ثاني الماضي، بلغ 87 ألف و129لاجئ، 8 % منهم من سن 12 إلى 17 عام، و7 % من 18 إلى 58 عام.
يوق الفريد كيبلونجا، المدرب الرئيسي في هذه الورشة، قال إن التركيز على الشباب يتم لأنهم في معظم حالات النزاع، يتم استخدامهم في الحرب.
يخشى أصحاب هذه المبادرة من عدة جوانب،كأن تمتد الحرب إلى الأطفال الذين يعيشون حياة قاسية في معسكرات اللجوء، فلذلك كانت مبادرتهم تتركز بصورة أساسية بالبداية في الناجين من جحيم المعسكر وملله وحياته بلا أمل، وهم الطلاب الذين وجدوا فرصة في التعليم وفرصة لقيادة المجتمع.
هذا ما حدث مع هيلين لوكينيا القادمة من مقاطعة بيبور في جنوب السودان، التي قالت إنها جاءت إلى الورشة وكانت لا تفهم حقيقة ما يجري من قتال في بلدها، لكنها تعلمت كيف يمكن ان تقنع الشباب بالانخراط في هذه المبادرة وفعل شيء بدلا من لعن الظلام.
من جانبها قالت نانسي جوزيف وهي طالبة ومغنية من جنوب السودان، إنهم في مرحلة الإعداد للذهاب إلى كاكوما، المعسكر الذي صار بيتاً لجيلين من الجنوبيين الآن .
وتقول الأمم المتحدة إنه منذ اندلاع الأزمة في جنوب السودان، يعيش 250 ألف لاجئ في جنوب سوداني في إثيوبيا و93 و490 في السودان و87 ألف و129 في كينيا.
ومنذ ديسمبر 2013، تشهد جنوب السودان مواجهات دموية بين القوات الحكومية، والمعارضة التي يقودها ريك مشار، النائب السابق لرئيس البلاد، سيلفاكير ميارديت، ولم تفلح مفاوضات أطلقت في أديس أبابا في يناير، في وضع نهاية لذلك الصراع حتى الآن.