تشهد أثيوبيا حاليا الموجة الثانية من الاستثمارات الصينية التي بدأت باستهداف البنية التحتية اللازمة لاستخراج مواد خام مثل البترول والنحاس ليتم نقلها إلى الصين بغرض استخدامها في تشغيل المصانع الصينية. وذكرت صحيفة الديلي تليجراف نقلا عن جوستين لين يفو الخبير الاقتصادي السابق لدى البنك الدولي وأستاذ الاقتصاد بجامعة بيكنج، أن التصنيع داخل الصين قد أصبح مكلفا للغاية مما يدفع الأخيرة لتصدير نحو 80 ألف وظيفة صناعية تتطلب قدرا أقل من المهارة التقنية إلى دول العالم وإلى دول أفريقية تتميز برخص اليد العاملة مثل أثيوبيا وكينيا وليسوتو ورواندا والسنغال وتنزانيا.
وأدى تراجع إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة وأوروبا إلى دفع شركات التجزئة العالمية لتسريع بحثها عن شركات صناعية قادرة على الإنتاج بأسعار أرخص.ويصل متوسط أجور العمالة في مصنع هويجيان الصيني لتصنيع الأحذية الذي يقع بالقرب من العاصمة أديس أبابا إلى نحو 40 دولار شهريا، وهو أجر يقل بنسبة 90% عن متوسط الأجور التي تحصل عليها العمالة الصينية.وتشبه أوضاع العمالة في أثيوبيا حاليا ما كان عليه الحال في الصين في الثمانينيات، حيث يعاني العامل الأثيوبي من نقص التدريب، كما تعاني البلاد من عدم انتظام وصول إمدادات الطاقة وسوء حالة الطرق لدرجة أن الانتقال يستلزم وقتا يزيد بنحو 6 مرات عما هو عليه الحال في الصين.ويقول حاليا صاحب المصنع بعد مرور ثلاثة أعوام من انتقاله إلى أثيوبيا بدعوة من ميليس زيناوي رئيس الوزراء الأثيوبي أن الأرباح لا زالت تقل عما هو متوقع بسبب انعدام الكفاءة في الإدارة المحلية وسوء حالة المواصلات والجوانب اللوجستية التي تزيد تكلفتها بنحو أربع مرات مقارنة بما هو الحال في الصين.وقال ديبورا بروتيجام مؤلف كتاب هدية التنين: القصة الحقيقية للصين في أفريقيا وأستاذ التنمية الدولية والسياسة المقارنة بجماعة جونز هوبكنز، إن إثيوبيا تعد أكثر الدول الأفريقية جاذبية للاستثمارات الأجنبية بفضل رخص أسعار العمالة والكهرباء وسعي الحكومة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية.وعلى الرغم من أن 80% من العمالة يشتغلون بالزراعة لكن بروتيجام يعتبر أن أثيوبيا تحتفظ بمقومات ترشحها لتصبح دولة صناعية متقدمة، وأن مسيرتها نحو التقدم الصناعي تشبه مسيرة الصين إلى حد بعيد، مشيرا إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أثيوبيا قد قفزت 3 مرات لتصل إلى 953 مليون دولار العام الماضي صعودا من 2012، وذلك استنادا إلى تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية.

يعمل في مصنع الأحذية 3,500 عامل أثيوبي أنتجوا 2 مليون زوج من الأحذية العام الماضي. بدأ المصنع في العمل في يناير 2012 في أول منطقة صناعية أثيوبية تقدم بنية تحتية جيدة وإعفاءات ضريبية. حقق المصنع أرباحا في العام الأول ويحقق حاليا عوائد تتراوح بين 100 ألف إلى 200 ألف دولار شهريا. ويعتبر صاحب المصنع أن هذه العوائد ليست كافية ويتوقع صعودها لاحقا في حالة التصدير بكثافة لأسواق متقدمة مثل الولايات المتحدة عندما يصبح العمال أكثر مهارة.