اتهمت سلطات جنوب السودان أمس الأول السبت المسلحين -الذين يعارضونها بقيادة رياك مشار النائب السابق للرئيس- بانتهاك وقف إطلاق النار مع جيش النظام، وذلك بعد مرور أقل من 24 ساعة على دخوله حيز التنفيذ للتهيئة لحوار سياسي ينهي النزاع في هذا البلد الذي انفصل عن السودان منذ ثلاث سنوات.وقال وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان مايكل ماكوي للصحفيين «صباح أمس الأول السبت ، أبلغت أن قوات المتمردين واصلت مهاجمة قواتنا»، مؤكدا أن «من واجب قواتنا الدفاع عن نفسها».
وكانت الأمم المتحدة قالت الجمعة الماضي إن جنوب السودان لا يزال مسرحا لمعارك «متقطعة» بين الجيش الحكومي وقوات المسلحين رغم بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أديس أبابا عبر مفاوضات شاقة خاضها طرفا النزاع بوساطة أفريقية تقودها الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد).
وأكد مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق -في تصريح صحفي- أن «قوة الأمم المتحدة في جنوب السودان سجلت وقوع معارك متقطعة في بعض أنحاء البلاد الجمعة»، موضحا أن بعضها وقع بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ
واتهم المسلحون الحكومة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار قبل ساعات من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وقالوا إن مواقعهم تعرضت لهجمات من الجيش الحكومي، وقال لول رواي كوانغ الناطق باسم المسلحين -في بيان له- إن «قوات (رئيس جنوب السودان) سلفا كير تهاجم حاليا مواقعنا في ولاية الوحدة النفطية»، مضيفا أنه تم صد هجوم آخر في ولاية جونقلي (شرق).
ونفى الجيش الحكومي هذا الأمر، وأعلن المتحدث باسمه فيليب أقوير -مساء الجمعة الماضي قبل ساعتين من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التطبيق رسميا- أن الوضع «هادئ».
ومن جهة أخرى، أبدت الحكومة قلقها من انفلات محتمل بين مليشيات المسلحين بسبب «عدم قدرة مشار على السيطرة على مليشياته»، وقال رئيس البلاد سلفا كير ميارديت مخاطبا الجيش الأبيض -وهو الاسم الذي تعرف به القوات الموالية لمشار- إنه «مع وجود حقيقة مفادها بأن مشار لن يستطيع السيطرة على كل تلك القوات، أرجو منكم أن تحترموا ما تم التوصل إليه».
وأضاف كير -في خطاب له الجمعة- مخاطبا هؤلاء المسلحين «الآن وبعد أن شارك الناس في القتال، عليهم أن يعودوا إلى رشدهم، ولنجلس حتى يمكننا حل النزاع بالتفاوض»، مؤكدا أن «النزاع سيجد حلا عبر حوار سلمي».
وقد صدرت ردود أفعال دولية كثيرة مرحبة بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين المتقاتلين، إذ أشاد به كل من مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
يشار إلى أن جنوب السودان يشهد معارك عنيفة بين الجانبين منذ 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي بعدما اتهم سلفاكير نائبه السابق رياك مشار بمحاولة قلب نظام الحكم، وامتدت الاشتباكات لتشمل نصف ولايات البلاد، وأدت إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح أكثر من نصف مليون شخص.
وتتحدث الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية عن فظائع يرتكبها الجانبان وعن إعدامات تعسفية وجرائم اغتصاب وتجنيد أطفال.
وذكرت منظمة مجموعة الأزمات الدولية وغيرها من المنظمات الدولية أن الصراع أسفر عن مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص وتشريد نحو أربعمائة ألف آخرين، بينما فر أكثر من ثمانين ألف شخص إلى الدول المجاورة.
كما لجأ أكثر من سبعين ألف شخص إلى قواعد تابعة للأمم المتحدة التي تنشر قوات حفظ سلام قوامها سبعة آلاف جندي في جنوب السودان، ونزح آلاف من مواطني جنوب السودان إلى خارج البلاد، وتوجه قسم كبير منهم إلى أوغندا، ولا يزال مئات آلاف النازحين يخشون مغادرة المخيمات التي لجؤوا إليها