أطلقت منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، بالتعاون مع وزارة الصحة الصومالية، حملة واسعة لتطعيم الأطفال الصوماليين ضد الأمراض القاتلة تحت شعار «أيام صحة الطفل والأم». وتهدف الحملةوتستمر حملة «أيام صحة الطفل والأم» في الصومال حتى السادس والعشرين من الشهر الحالي، ويشارك فيها العشرات من المنظمات المحلية في مجال الصحة، والآلاف من المتطوعين الصحيين. وبحسب المسؤولين الحكوميين، فإنه من المتوقع أن يتم تطعيم نحو مليون طفل صومالي دون الخامسة من العمر ضد أمراض شلل الأطفال والحصبة والسعال الديكي والكزاز وأمراض أخرى.
ويقول محمود معلم يحيي، نائب وزير الخدمة الاجتماعية في الحكومة الصومالية « حملة التطعيم تبدأ في العاصمة، وستعمم علي جميع محافظات البلاد، وخلال الحملة سيتلقي أكثر من مليون طفل صومالي دون الخامسة من أعمارهم لقاحات التطعيم ضد الأمراض القاتلة، وجميع الأجهزة الحكومية الحكومة تقدم كافة التسهيلات اللازمة».
وسجل الصومال أدنى معدلات التطعيم الروتينية في العالم، إذ لا يتمكن ملايين الأطفال والنساء من الوصول إلى المؤسسات الصحية.
وبحسب المنظمات الدولية فإنه تم خلال ستة أشهر، رصد ما لا يقل عن 107 حالات مرض شلل الأطفال في الصومال، وهو أسوأ تفشٍ لهذا المرض في البلاد منذ سنوات.
ويقول نائب وزير الخدمة الاجتماعية إن وعي الأسر الصحي وتعاونها مهم لنجاح حملة التطعيم.
ويضيف: «مسؤولية التطعيم مشتركة بين الحكومة وبين الوالدين، وعلي الأسر أن تتحمل مسؤوليتها ولا تفوت هذه الفرصة التي من شأنها تنقذ أطفالنا من الموت بأمراض يمكن الوقاية منها الآن».
وعلي الرغم من أن هذه الحملة تشمل للمرة الأولي مناطق واسعة من البلاد، حيث بإمكان فرق العمل الصحية الوصول إلى المناطق التي طردت منها حركة الشباب المتشددة بوسط وجنوب الصومال، فإنه يصعب الوصول إلى المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة الحركة.
وتحظر حركة الشباب تنفيذ مثل هذه الحملات لتطعيم الأطفال في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، وتمنع الفرق الطبية من الوصول إليها.
وتقول الحركة إن هذا التطعيم هو مؤامرة غربية ضد المسلمين، ويحتوي على مواد سامة قد تتسبب بالعقم لدى الأولاد أو فيروسات أخري قاتلة.
وتعد معدلات وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر في الصومال من بين الأعلى في العالم، إذ تصل إلى 220 وفاة لكل ألف ولادة حية.
ومن أهم أسباب الوفيات الأمراض الناجمة عن الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي والملاريا وسوء التغذية.
ويقول محمد عبد طبني من بلدية مقديشو إن «موظفي بلدية مقديشو يساعدون فرق التطعيم ويتنقلون معهم من بيت إلى بيت للتأكد من أن كل طفل في مقديشو تم تطعيمه، وأحيانا تتمنع بعض الأسر من تطعيم أطفالها ولكننا نقوم بإقناعهم».
وبالإضافة إلى عمليات التطعيم يتلقى الأطفال مكملات غذائية وأقراص التخلص من الديدان، ومن المتوقع أيضا أن يتم تطعيم أكثر من نصف مليون من الأمهات في سن الإنجاب ضد كزاز حديثي الولادة.
وقد أدي نقص الموارد المالية في الصومال إلى تدني مستوي الخدمات الصحية، والأطفال هم أول ضحايا هذا الوضع، والحملات الصحية الموسمية رغم أهميتها، تعد نقطة في بحر معاناة الأطفال في الصومال.

مبادرة لإعادة إحياء المكتبة الوطنية في مقديشو بعد 23 عاما من الدمار

في سياق آخر أطلق معهد «هيراتيج» للدراسات السياسية والثقافية، ومقره في مقديشو، مبادرة جديدة لإعادة إحياء بناء وتأهيل المكتبة الوطنية الصومالية بتمويل من جهات عربية وإسلامية.
وتتضمن المرحلة الأولى من هذه المبادرة إعادة بناء مبنى المكتبة الذي تعرض لدمار هائل خلال العقدين من الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد، وذلك بتكلفة مليونين ونصف المليون دولار.
وقد تبرعت عدة جهات عربية وإسلامية ببعض هذه الأموال للمساهمة في عملية إعادة بناء المكتبة الوطنية الصومالية، بينما تدفع الحكومة الصومالية بالتعاون مع بعض رجال الأعمال الصوماليين الجزء الآخر من الأموال لتمويل عملية إعادة بناء المكتبة. ومن المتوقع أن يستغرق العمل علي إعادة بناء مبنى المكتبة حتى نهاية العام المقبل. وكانت المكتبة تحتوي قبل اندلاع الحرب الأهلية في البلاد عام 1991، مئات الآلاف من الكتب والمخطوطات والمواد الأرشيفية التاريخية والثقافية الأخرى. وبفعل الحرب الأهلية تعرضت المكتبة لأضرار كبيرة وخسرت جميع موجوداتها، إذ تعرض الكتب والمواد الأخرى إما للتلف أو النهب، بالإضافة إلى ذلك تحول مبني المكتبة خلال سنوات الحرب الأهلية إلى ملجأ للمشردين. وجرى مؤخرا إخلاء النازحين الذين كانوا يقيمون في مبني المكتبة، وذلك تمهيدا لإطلاق عملية إعادة بناء دار المكتبة.
وقد تعهدت عدة مؤسسات عربية من بينها اتحاد الناشرين العرب، وكذلك بعض الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر، بدعم هذه المبادرة والتبرع بمئات الآلاف من الكتب للمكتبة الوطنية الصومالية. كما تلقت المكتبة 22 ألف كتاب من الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تتلقى المكتبة تبرعات أخري في الفترة القادمة. وقد تأسست المكتبة الوطنية في عام 1975، وكانت تحت إشراف ومسؤولية وزارة التربية والتعليم العالي والثقافة حتى انهيار الحكومة المركزية في البلاد عام 1991. وبسبب الحرب الأهلية خلال العقدين الماضيين تعرضت المعالم التاريخية والبنى التحتية في البلاد لدمار هائل.
وذكرت زينب محمد حسن، مديرة هذا المشروع لإعادة تأهيل المكتبة الوطنية، أن إعادة إحياء وتأهيل المكتبة الوطنية سيتيح للصوماليين حفظ تاريخ بلدهم للأجيال القادمة.
وقالت: «إن مبادرة إعادة تأهيل المكتبة الوطنية مشروع ثقافي حيوي وسيكون له آثار إيجابية كبيرة على جهود الإنماء الثقافي والبحثي والحضاري واستعادة وحفظ إرث الصومال الثقافي والمعرفي». وأعربت مديرة هذا المشروع عن أملها في أن المكتبة الوطنية، بعد إعادة تأهيلها، سوف تكون مركزا يقصده الباحثون والطلاب والقراء والمهتمون كافة للحصول على مصادر للمعلومات عند إجراء الأبحاث والاستفادة منها لتحقيق أهدافهم العلمية والثقافية.
وتعاني المؤسسات البحثية وكذلك الجامعات المحلية في الصومال من شح الكتب والمصادر العلمية، وهي من أهم المعوقات التي تواجه الطلبة الصوماليين، كما أن نسبة كبيرة من التراث الثقافي الموروث عن الأجداد ينتقل من جيل لآخر عن طريق الرواية الشفوية. وبعد عامين منذ طرد حركة الشباب من العاصمة، تشهد مدينة مقديشو الآن حركة إعمار كبيرة، حيث بدأت الحكومة الجديدة بالعمل على إعادة بناء المباني العامة المملوكة للدولة، بينما بدأ رجال الأعمال والمغتربون بالعودة للوطن لإعادة بناء منازلهم والمراكز التجارية التي تهدمت خلال الحرب الأهلية، وباتت مدينة العاصمة مقديشو الآن تستعيد جزءا من مجدها الغابر.
إلى الوصول لأكثر من مليون طفل صومالي دون الخامسة من أعمارهم ضد الأمراض الفتاكة.